هل سيصبح المجلس القومي للإعمار والتطوير البوصلة التي ستقود السودان نحو الاستقرار والازدهار ..؟! #البعد_الاخر | مصعب بريــر |

هل سيصبح المجلس القومي للإعمار والتطوير البوصلة التي ستقود السودان نحو الاستقرار والازدهار ..؟!
#البعد_الاخر | مصعب بريــر |
في لحظة تاريخية حاسمة، حيث ينتظر الشعب السوداني بفارغ الصبر بصيص أمل ينهي سنوات من المعاناة والتردي في الخدمات والبنى التحتية، نادى رئيس الوزراء السوداني، د. كامل إدريس، بتشكيل “المجلس القومي للإعمار والتطوير”. هذا النداء لم يأت من فراغ، بل هو استجابة لحاجة ماسة وصرخة شعب تعب من وطأة الأزمات الاقتصادية وانهيار المرافق الأساسية. ولكن ما هي المهام الملقاة على عاتق هذا المجلس؟ وما الذي يتوقعه منه المواطن العادي الذي يئن تحت وطأة انقطاع الكهرباء والماء وغياب الرعاية الصحية والتعليم اللائق؟
المجلس القومي للإعمار والتطوير ليس مجرد هيئة حكومية عابرة، بل يجب أن يكون بمثابة “غرفة عمليات وطنية” تتمتع بالكفاءة والشفافية والسلطة الكافية لتنسيق جهود إعادة البناء. المطلوب منه، أولاً وأخيراً، هو وضع رؤية استراتيجية شاملة واضحة المعالم وقابلة للتنفيذ. هذه الرؤية يجب أن تكون بمثابة خارطة طريق تحدد الأولويات بدقة، فلا معنى لبناء مشاريع ضخمة بينما المواطن يعاني من انهيار في شبكات الصرف الصحي أو عدم توفر مياه الشرب النقية.
من المهام الأساسية للمجلس إجراء مسوحات وتقييمات دقيقة للدمار والاحتياجات في كل القطاعات وفي كل ولايات السودان. لا يمكن معالجة الخراب بدون تشخيص دقيق للواقع. هذا التقييم يجب أن يشمل البنى التحتية من طرق وكباري وسكك حديدية ومطارات، ويمتد ليشمل القطاع الصحي والتعليمي والزراعي والصناعي. يجب أن يعمل المجلس كجهة تخطيط مركزية ذكية، لا تعيد اختراع العجلة، بل تنسق بين الجهود الحالية وتكملها وتوجهها في اتجاه واحد.
أحد أهم أدوار المجلس، والذي سيكون محكاً حقيقياً لمصداقيته، هو إدارة الموارد المالية وضمان توجيهها نحو الأولويات الحقيقية. هذا يتطلب إنشاء أنظمة رقابية متطورة ومستقلة لمحاربة الفساد الذي أنهك البلاد لعقود. يجب أن يعمل المجلس على جذب التمويل ليس فقط من الخزينة العامة، ولكن أيضاً من خلال شراكات ذكية مع القطاع الخاص السوداني والأجنبي، ومن خلال تعزيز ثقة المانحين الدوليين والمؤسسات التمويلية بوجود خطة واضحة وآليات شفافة للمحاسبة.
لا يمكن فصل عملية الإعمار عن بناء السلام وتحقيق المصالحة الوطنية. أي مشروع تنموي في منطقة تعاني من النزاعات محكوم عليه بالفشل. لذلك، يجب أن يعمل المجلس بالتوازي مع مسارات السلام، وأن تكون مشاريعه جسراً للتواصل بين مكونات الشعب السوداني، وتخلق فرص عمل للشباب، مما يسحب البساط من تحت أقدام المتاجرين بالحرب والصراعات.
أخيراً وليس آخراً، المطلوب من المجلس إشراك المجتمع المدني والخبراء المحليين في كل مراحل التخطيط والتنفيذ. النهضة لن تتحقق بقرارات رئاسية فقط. أهل كل منطقة أدرى بمشاكلهم واحتياجاتهم. الشفافية في نشر الخطط ونتائج التقييمات والتقدم المحرز ستخلق ثقة بين المواطن والدولة، وستجعل الجميع شركاء في عملية البناء ومراقبة الأداء.
بعد اخير ؛
خلاصة القول، المجلس القومي للإعمار والتطوير يواجه مهمة صعبة، لكنها ليست مستحيلة. النجاح لن يُقاس بعدد المشاريع التي يطلقها، بل بتأثيرها الملموس على حياة المواطن البسيط.. واخيراً، بقدر ما تكون قراراته تقنية ومحايدة، وبقدر ما ينجح في توحيد الجهود واستقطاب الكفاءات وإعادة الثقة، بقدر ما يصبح هذا المجلس هو النواة الحقيقية لسودان جديد، قائم على العدالة والكرامة والازدهار للجميع. الشعب السوداني الذي تحمل الكثير لن يبخل على وطنه بالعطاء إذا رأى قيادة جادة ومسؤولة تضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار … و نواصل إن كان فى الحبر بقية بمشيئة الله تعالى ..
ليس لها من دون الله كاشفة
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين
#البعد_الاخر | مصعب بريــر |
الأربعاء (3 سبتمبر 2025م)
musapbrear@gmail.com