*حوش الاذاعة ..حوش كل السودانيين*
والحوش هو الفناء الواسع والبيت الذي يجتمع فيه الناس والكلمة فيها دفء وارتباط وجداني عميق ..
في حوش الاذاعة قد يدخل ابراهيم البزعي احد الاستديوهات بدون ورقة ولا قلم فيتكلم عن الطنبور فيبتسم من كلامه أو يضحك ناس في ود بندة ومروي والمالحة والفولة وزانجي وفي قهاوي الدلنج وكركداية..فالبزعي يتكلم عن الطنبور بابعاد ثلاثة فيذكر النعام ادم المولود في منصوركتي في العام 1930م والرجل اصوله من الكبابيش لكنه يقول (ياعيونى ابكي دمع الدم) والسبب في تبسم الجميع ارتباط الوجدان والبزعي لا يستطيع إرسال هذه الكلام العجيب الا اذا عملت اصابع اسامة جمعة وفيصل حسن نايل …خرجت الكلمات من حوش الاذاعة في ام درمان واحدثت جدلا وضحكا في ربوع السودان..
والتجاني حاج موسي أبكي كل السودانيين أربعة مرات في المرة الاولي بكلماته (أمي الله يسلمك..يا أمي يا نبع الحنان) وابكى السودانيين عدة مرات لما طلعت اشاعات بموته …وتعود كلما تتصل عليه يبادر (يا دكتور انا حي وكويس 😂) وعند السودانيين مثل هذا الشخص قد يعيش طويلا ولعل السبب في طول عمره صدي دعوته (يديك لي طول العمر …الله يسلمك) .
والوجدان مستمر فعندما ذهب الطيب قسم السيد مديرا باذاعة القضارف ناس كسلا زعلوا لأن الأستاذ الكبير كان قد ورث برنامج (الشمس تشرق من هنا) قبل بدر الزمان عثمان لكنه فجأة ترك كسلا وذهب القضارف ..
وكلما خرج من رحم الاذاعة قامة من القامات عوضتهم اعلي واحلي…
لما ذهب عثمان شلكاوي لينقل خبرات السودان للأمارات..جاء محمود عبدالقادر وفيصل حسن نايل وغيرهم كثير سدوا الفرقة…
وذهب شباب الأبيض أمثال الطاهر المرضي وسعدالدين حسن وزهير المريود الي الفضائيات العالمية لكن الحوش عوض وسد الفرقة وجاء الحسن عبدالكريم ومحمد عبدالكريم عبدالله وصاحب برنامج بنك الثواب عبدالله محمد الحسن قدموا نماذج في الابداع والتنوع في البرامج …
حوش الاذاعة السودانية تاريخ عريق من الجنود الاوفياء محاسبين وعمال وسواقين ومحررين ومذيعين اعطاهم الله قدرة علي العطاء وصبر علي الفقر وتفاني من غير ملل…
ولا تمني نفسك بالذهاب مع علم من اعلامها لتناول الغداء واذا ذهبت ستجد الكسرة وأم رقيقة وهذه حال رموز وقيادات ام درمان القيادات السياسية والدينية شميتها التواضع..والبساطة…
وحوش الاذاعة حوش كل السودانيين تجد هذا من الفاشر وهذا من الأبيض واخر من كسلا لكنهم اسرة واحدة …
والكلمة التي تخرج من هنا ام درمان كلمة قومية قوية تصل لكل قلوب السودانيين
وارتبطوا بعبدالله الطيب وفراج الطيب وعلي الحسن مالك ينقل لك المباراة كأنك تشاهدها في الاستاد في حياد كامل ..
لما تخرجت من جامعة الجزيرة استشرت شيخي الشيخ آدم يعقوب رحمه الله في مجالات العمل فكانت نصيحته في عبارة مختصرة (امشي الاذاعة) ..
فرحة السودانيين بعودة الاذاعة لحضن الوطن لانها القلب النابض
حاول القذافي ضربها أيام معاركه مع النميري فتصدت له يسرية محمد الحسن ..
وبحث عنها جنود خليل ابراهيم في دخولهم ام درمان فلم يجدوا من يدلهم عليها ..
جثم علي صدرها الجنجويد تسعة شهور فلم يفتح الله عليهم بكلمة تسر السودانيين واستعادها الجيش في يوم واحد فجرت دموع السودانيين وفتحوا الاستوديوهات
الحوش جميل وفيها نفاج لمواقع اكثر جمالا
*د.حسن حسب الله سعيد*
مركز التنمية الريفية
جامعة الشرق للعلوم والتكنلوجيا بكسلا