وداعًا كابتن كمال عبده : سيرة حياةٍ حافلة بالعطاء والوفاء بقلم.. عبد الكريم إبراهيم

وداعًا كابتن كمال عبده : سيرة حياةٍ حافلة بالعطاء والوفاء
بقلم/ عبد الكريم إبراهيم
في لحظات الفقد، تتوقف الكلمات وتغمرنا الذكريات ، فنسترجع وجوهًا ومواقف لأناسٍ تركوا بصمات لا تُنسى في مسيرتنا المهنية والإنسانية.
رحيل الزميل العزيز كمال عبده ، أو كما كان يحلو للأمين (المنفعل) مناداته بـكابتن طيار كمال عبده ، لم يكن مجرد غياب جسدي ، بل ترك فراغًا عميقًا في قلوب أحبته وزملائه في القطاع الصناعي، الذين عرفوه مثالًا للصدق والإخلاص والوفاء.
غادر كمال عبده بهدوء كما عاش بيننا ، ملوّحًا بيده كأنها رسالة وداع أخيرة ، ولسان حاله يقول:
مع السلامة أحبتي في الصناعة، استوصوا بالوزارة والقطاع الصناعي خيرًا.
بعد أكثر من عقدين من العطاء ، تنقّل خلالها بين إدارات الوزارة ، حاملًا همّ التطوير وساعيًا لتحقيق الأهداف السامية، خاصة في مجالات الرقابة الصناعية ، المعارض ، والمسح الصناعي. وكان آخرها مسح قطاع صناعة الألبان ، الذي ما زلنا نترقب نتائجه من المختصين والمشرفين على أمره :
الوزيرة الفضلى أ. محاسن نزل، أ. لمياء النعيم، د. محمد سيد عبد المؤمن.
عمل الفقيد مع عدد من الوزراء والوكلاء والزملاء ، يقود عربته وعرباتهم الرسمية والخاصة الزميلة (ا.نجاة محمود) مثالا ، ولم ينشد يومًا حاجة سوى الدعاء.
وقد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية ، علم يُنتفع به ، أو ولد صالح يدعو له . و أمنيته أن يحظى بإحداها أو جميعها كطوق(نجاة) في الدار الآخرة.
عاش بيننا لحظات طيبة ، مرشدًا ودليلًا في كل المناسبات ، ضاحكًا ، متسامرًا ، مشاركًا في معيشة العاملين اليومية ، وكذلك السنوية خاصة سكر وكرتونة (بلال) الشهيرة ، إلى خروف الأضحية.
ولم يتردد قط فقيدنا في مواجهة المواقف الصعبة ، مدافعًا عن حقوق زملائه أمام القيادة الرشيدة بصفة عامة ومرارة ظلم الترقيات بصفة اخص.
جلس معهم على طاولات (التبش والدكوات) ، مستمتعًا بأجمل الأوقات، تاركًا خلفه إرثًا من الذكريات والمواقف والخصال الحميدة التي ستظل محفورة في القلوب.
كيف لا، وقد عُرف محبًا للخير ، محافظًا على الصلوات ، تاليًا لكتاب الله ، ومسبّحًا في مسجد الوزارة ، مؤديًا لفريضة الصيام والزكاة.
مثّل نموذجًا للعامل المؤمن الذي يجمع بين الإتقان والمهارة ، والجدّ والإخلاص والتقوى.
رحيله ترك فينا صمتًا لا يُملأ، وظل صوتًا للعدالة والحقيقة، نبكيه بقلوب حزينة وعيون دامعة، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا:
(إنا لله وإنا إليه راجعون) ، وإنّا لفقدك يا كمال لمحزونون.
الشكر والتقدير للزملاء:
عبد الرحمن (مقل) ، التجاني (صابر) ، وعمر النذير ، الذين أدّوا واجب العزاء بزيارة أسرة الفقيد في قرية (التمانيات) بريفي الجيلي ، نيابة عن العاملين ، وندعو الله أن يضع ذلك كله في ميزان حسناتهم.
إلى جنات الفردوس الأعلى يا أبا (إياد) ، ستظل ذكراك خالدة في صدورنا ما حيينا ، وسنحمل الراية من بعدك ، مدافعين عن قيم الحق والفضيلة التي غرستها فينا ، حتى نلحق بك في ساعة اللقاء.
رحمك الله رحمة واسعة، وغفر لك، وأسكنك فسيح جناته.
البركة في أسرته:
والدته الكريمة، وأرملته أم إياد (أفراح محمد الطيب حامد)، وأبناؤهم: إياد، زياد، أحمد، أسدان، أسيل، ألين، وأشقاؤه: فريد ونوال.
الحمد لله على ما أراد ، وأمنياتنا بتحقيق أحلامه وطموحاته، بعد نبوق نجله إياد في امتحانات الشهادة الثانوية القادمة بإذن الله.
ختامًا…
نسأل الله أن يُلهم أسرته الصبر والسلوان، وأن يحذو أبناؤه حذوه في الإخلاص والجدّ، وأن يُكملوا ما بدأه من مشروعات وطموحات، حاملين راية الوفاء والعطاء كما أراد لهم أن يكونوا.
الموت حق، قال تعالى:
(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)
وصدق من قال:
هو الموتُ ما منهُ مَفَرٌّ ولا مَهربُ
متى حُطَّ ذا نَفسٍهُ يوماً سيَذهَبُ
ما الحياة إلا رحلة قصيرة، نُودّع فيها الأحبة ، ونُخلّد ذكراهم بما تركوه من أثر طيب وسيرة عطرة.
رحمك الله يا كابتن كمال ، وجعل قبرك روضة من رياض الجنة ، وأبقى البركة في ذريتك ، وألحقنا بك على صلاح وتقوى ، غير مُبدّلين ولا مُغيّرين.
ونناشد قيادة وزارة الصناعة والتجارة الوقوف إلى جانب أسرة الفقيد كمال عبده الكريمة والمتعففة، وفاءً لعطائه وإسهاماته في القطاعين الصناعي والتجاري ، وتقديرًا لما قدّمه من إخلاص وتفانٍ ، رغم صوت العتاب الذي وصلها بعدم النعي الرسمي له ولمنسوبي الوزارة الراحلين في أجهزة الإعلام، كما تفعل بقية المؤسسات والوزارات.



