مقالات الرأي
أخر الأخبار

حياة حمد اليونسابي تكتب عن حملة ال 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة

بورتسوان | حياة حمد اليونسابي

في البلاد التي تمدّد فيها الرماد على الأرض، وتفرّقت الأزقة بين رائحة البارود وغياب الدولة، تأتي حملة الـ16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة هذا العام لا كفعالية موسمية… بل كصرخة وطن يختبر أشد امتحاناته قسوة.

فالمرأة السودانية، التي كانت دائماً عمود خيمة المجتمع وسنده، تُدفع اليوم إلى الصفوف الأولى من الألم:
امرأة تُهجَّر، وأخرى تُقتلع من بيتها، وثالثة تحمل أطفالها وتمضي على طرق النزوح كمن يسير على حدّ سكين.
ووسط هذا الخراب، يخرج صوتها — رغم كل شيء — صلباً، واضحاً، يطالب العالم ألا يتعامل مع معاناتها كخبرٍ عابر، أو كفقرة في تقرير دولي.

وما بين نار الحرب وانكسار الخدمات، يتضاعف عليها العنف بأشكاله؛
عنفٌ بالسلاح، وعنفٌ بالحرمان، وعنفٌ بالصمت المتواطئ.
لكنها — برغم العواصف كلها — ما زالت تقف، تداوي بالمتاح، وتعيل بما تبقّى، وتثبت أن الأوطان تبدأ من امرأة تعرف كيف تنقذ أسرتها حتى عندما يعجز الجميع.

في هذه الأيام الستة عشر، نحن لا نرفع شعارات… نحن نرفع حقيقة دامغة:
لا سلام بلا حماية للمرأة.
لا عدالة بلا محاسبة المعتدين.
ولا مستقبل لبلدٍ يُترك فيه نصفه تحت النار دون درع.

إن مناهضة العنف ضد المرأة في السودان ليست حملة؛
هي ضرورة وجود…
هي معركة أخلاقية في زمن اختبرت فيه البلاد حدود إنسانيتها.
وهي عهد بأن تظل المرأة، التي دفعت أغلى الأثمان، أول من تُسمع شكواها… وأول من تُحترم حقوقها… وأول من يُردّ عنها الأذى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى