مقالات الرأي
أخر الأخبار

حين فاز السودان… انتصر القلب قبل النتيجة بقلم إدريس هشابه

حين فاز السودان… انتصر القلب قبل النتيجة.

ثلاث نقاط فقط، لكنها كانت كفيلة بأن تُسكت الوجع ولو للحظة، وأن توقظ فينا حب الوطن من تحت الركام، وأن تجمع السودانيين جميعاً خلف علم واحد وقلب واحد.
فوز منتخب السودان على غينيا في البطولة الأفريقية لم يكن مجرد انتصار كروي، بل كان رسالة أمل في زمن شحيح بالأخبار السعيدة.
في بلدٍ أنهكته الحرب، وتكاثفت على شعبه الجراح، جاء هذا الفوز كاستراحة روح، كابتسامة يتيمة وسط بكاء طويل. حين سجّل السودان انتصاره، شعرنا جميعاً أن الوطن ما زال حياً، وأن الفرح – مهما كان صغيراً – قادر على أن يفتح نافذة للضوء.
منتخبنا الوطني، رغم ابتعاده عن أرض الوطن لثلاثة أعوام، لم يبتعد عن همومه. حمل اللاعبون السودان في قلوبهم قبل قمصانهم، ولعبوا باسم كل أم فقدت ابنها، وكل زوجة ترمّلت، وكل طفل ينتظر أباً لم يعد. لعبوا وهم يعرفون أن خلفهم شعباً متعباً، لكنه لا يزال يؤمن.
هذا الفوز لم يغيّر الواقع القاسي، لكنه ذكّرنا بأننا شعب قادر على النهوض، وأن السودان – رغم كل شيء – ما زال قادراً على الفرح. كرة القدم هنا لم تكن لعبة، بل كانت لغة جامعة، قالت للسودانيين: ما زلتم معاً، وما زال الوطن يستحق أن نحلم من أجله.
ولعل المشهد الأبلغ في هذه المباراة، كان سقوط الحارس منجد النيل مغمىً عليه، ثم رفضه الاستبدال وعودته ليقف من جديد بين القائمين. لم يكن ذلك مجرد موقف رياضي، بل كان اختصاراً مكثفاً لحكاية وطن بأكمله؛ وطن يسقط من شدة الألم، ثم ينهض رافضاً الخروج من المباراة. منجد النيل لم يدافع عن مرمى المنتخب فقط، بل دافع عن معنى الصمود، وجسّد بفعلٍ صامت رسالة تقول إننا في السودان نشتري المجد بأغلى الأثمان، ونقف… حتى حين تخذلنا الجسد.
مبروك للسودان، مبروك للوطن، مبروك للحب والعشق الذي يسكن القلب.
حين يفوز المنتخب… نشعر أننا جميعاً فزنا، ولو للحظة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى