مجدي الروبي يكتب.. من عدسة الكاميرا إلى واقع المخيم: قصة مؤلمة لمصور أصبح لاجئاً

مجدي الروبي يكتب..
من عدسة الكاميرا إلى واقع المخيم: قصة مؤلمة لمصور أصبح لاجئاً
كثيرًا ما تكون الحياة مليئة بالمفارقات المدهشة، وبعضها يكون مؤلمًا للغاية. قد تجد نفسك في يومٍ من الأيام تحمل كاميرتك لتوثق معاناة اللاجئين والنازحين في المخيمات، وفي يومٍ آخر تجد نفسك بين هؤلاء النازحين، تُصورك عدسات المصورين الأجانب، وقد تبدلت الأحوال وأصبحت أنت القصة.
كنت أعمل كمصور صحفي، أخذت على عاتقي مسؤولية توثيق الحياة وحياة اللاجئين والنازحين، هؤلاء الناس الذين اضطروا لترك بيوتهم وأوطانهم هربًا من الحرب والدمار. كنت أدخل المخيمات، ألتقط صورًا وقصصا لأطفال يلعبون وسط الخيام، وأمهات يحاولن جاهدات تأمين قوت يومهن، وأبناء يقفون في طوابير طويلة للحصول على المعونات.
كنت أعود إلى منزلي بعد تلك الجولات، وأنا محمل بالصور والقصص، وأشعر بثقل كبير في قلبي. كنت أشعر بالذنب لأنني كنت أستطيع العودة إلى مكان آمن، بينما يبقى هؤلاء الأشخاص في معاناتهم. كنت ألتقط صورهم لأعرضها على العالم، لعلها تثير الضمير العالمي وتجلب لهم الدعم، ولكنني كنت أدرك في قرارة نفسي أنني لن أتمكن أبدًا من نقل حجم الألم الحقيقي الذي يعانونه.
لكن القدر كان يخفي لي مفاجأة قاسية. اندلعت الحرب في بلدي، واضطررت للنزوح، مثل أولئك الذين كنت أصورهم. وجدت نفسي في مدرسة للنازحين، أعيش نفس الظروف التي وثقتها من قبل. لم أعد المصور الذي ينقل الصورة، بل أصبحت جزءًا من الصورة نفسها. أصبحت أعيش في خيمة، أقف في الطوابير، وأحاول التأقلم مع حياة جديدة مليئة بالصعاب.
الشعور بالضعف والعجز كان أكبر من أن يوصف. كنت أشاهد المصورين الأجانب يدخلون المخيم، يلتقطون الصور، وأشعر بشعور مماثل لأولئك الذين كنت أصورهم من قبل. شعرت بالألم والمرارة وأنا أرى كاميراتهم تلتقط صورًا لي ولأطفالي، ونحن نحاول البقاء على قيد الحياة في هذا المكان الذي لم يكن يومًا خيارًا، بل كان اضطرارًا.
على الرغم من الألم واليأس الذي شعرت به، لم أستسلم. كنت أعلم أن الحياة تستمر، وأن الأمل هو ما يبقينا على قيد الحياة. بدأت أساعد في المدرسة، أستخدم خبرتي كمصور لنقل معاناة اللاجئين، ولكن هذه المرة من داخل الصورة، محاولًا أن أكون صوتًا لمن لا صوت لهم، وشاهدًا على قسوة الحياة التي نعيشها.
هذه القصة ليست مجرد قصة شخصية، بل هي قصة آلاف اللاجئين الذين يعيشون نفس الظروف. علينا جميعًا أن نكون أكثر وعيًا ومعرفة بحجم المعاناة التي يعيشها اللاجئين والنازحون، وأن نبذل قصارى جهدنا لتقديم المساعدة والدعم لهم، لعلنا نساهم في تغيير واقعهم وتحقيق مستقبل أفضل لهم.