على حافة الوطن (٢٠) | تجاهل لا يغتفر في حضرة الاسئلة الحرجة بقلم حياه حمد اليونسابي

على حافة الوطن (٢٠) | تجاهل لا يغتفر في حضرة الاسئلة الحرجة..
بورتسودان/ حياه حمد اليونسابي
Savior media 24
منبر عرض الموجهات العامة للمساعدات الإنسانية في السودان… بدا الحدث رسميًا، مرتبًا، مليئًا بالكلمات الناعمة والوعود الكبيرة. المنصة تحتضن الفريق ركن الصادق إسماعيل، مستشار مجلس السيادة لشؤون المنظمات والعمل الإنساني، والسفير كمال بشير، مدير إدارة السلام والشؤون الإنسانية بالخارجية، وسلوى آدم بنية، مفوض العون الإنساني. الميكروفونات مضبوطة، الكاميرات في أماكنها، والعبارات تصطف كما ينبغي لها أن تصطف.
لكن وسط هذا الهدوء المرتّب، جاءت لحظة الصدع بالسؤال.
سألنا:
1. هل سُجّلت أي انتهاكات أو تجاوزات في عمل بعض المنظمات داخل السودان خلال الحرب؟
2. كيف تتعامل هذه المنظمات مع اتهامات استخدام غطاء المساعدات الإنسانية لتمرير دعم إلى قوات الدعم السريع؟
صمتٌ طويل، التفافٌ أنيق، انتقال إلى محور آخر. وكأن شيئًا لم يُطرح. وكأن السؤال لا يتعلق بوطن يُنهك من الداخل، وبشعب يُجَرَّد من إنسانيته باسم “العمل الإنساني”. تجاهُل بدا فادحًا، بل متواطئًا في بعض لحظاته.
في أروقة المنظمات، يُقال كثير، ويُخفى أكثر. وبين الشحنات القادمة والممرات الآمنة، تسير أحيانًا قوافل لا يعرف أحد حقيقتها. المواطن في معسكر النزوح لا يسأل عن الشعار فوق العلبة، بل عن مضمونها، وعن إن كانت وصلت حقًا إليه أم توقفت عند البوابة… أو ذهبت في اتجاه آخر.
كان من المفترض أن يكون هذا المنبر لحظة شفافية، فرصة للمكاشفة، منصة للحقيقة. لكنه انزلق – مرة أخرى – إلى ما يشبه الطقس الرسمي… حيث تُقال الكلمات ولا تُسمع الأسئلة.
في السودان، لا نحتاج فقط إلى مساعدات… نحتاج إلى صدق.
وفي حضرة الحرب، لا ترف في التجاهل.
على حافة الوطن، الإجابة باتت مطلبًا إنسانيًا لا يقل عن الغذاء والدواء.