مقالات الرأي
أخر الأخبار

واشنطن بقلم حياة حمد اليونسابي

واشنطن / حياة حمد اليونسابي

مرة أخرى… في الشأن الرسمي، نكتشف أن ضبط الخطاب ليس ترفًا، بل هو شرف وطن.
وأنا – مثل أي سوداني يعرف وزن تراب بلده – لا أنحني أمام خطابٍ يُصغّر السودان، أيًّا كان قائله، وأيًّا كانت البشاير التي يلوّح بها.

السياسة:
حقل ألغام… بين كبرياء وطني لا يساوم، ووعي دبلوماسي يعرف متى يصمت، ومتى يرفع صوته.
ليست مهمة سهلة… لكنها كانت دومًا مهمة السياسي الذي يمثلنا، لا المواطن الذي يحمل جراحه ويمضي.
ومع ذلك… ها نحن نضطر أن نكون الاثنين معًا.

الواقع رقم ١:
السودان ليس بلدًا اكتُشف صدفةً في عتمة الليل… إنه رقمٌ صعب في خرائط المصالح، ومفتاحٌ ثقيل لمن يحاول فتح أبواب البحر الأحمر وأفريقيا.

الواقع رقم ٢:
ترامب يعرف السودان أكثر مما يتظاهر… يعرفه من توقيعه في 2020، ومن تطبيعٍ حاول أن يجرّنا إليه، ومن صمغٍ نسي العالم اسمه وتذكّروا حاجتهم إليه.
يعرف، لكنه يتغافل… والغافل ليس بالضرورة جاهلًا، أحيانًا هو فقط شاعرٌ بموسم صفقات.

الواقع رقم ٣:
المشكلة ليست في كلام ترامب… بل في ردّتنا نحن.
بين من يغضب بلا بصيرة، فيحرق الجسور…
ومن يلين أكثر مما ينبغي، فيُحرق المهابة.
والحكمة هي السير بينهما: ألا نكسر يدًا قد توقف الحرب، ولا نقبّل يدًا تريد أن تُجلسنا في الصفوف الخلفية.

الدبلوماسية التي نحتاجها ليست لباقة… بل وعيًا بالميزان:
نعرف أن العالم تحكمه المصالح لا العواطف، وأن السودان ليس متسوّلًا على باب أحد، بل شريكٌ في معادلة كبرى؛
من يريد استقرار البحر الأحمر،
ومن يسعى لموطئ قدم،
ومن يبحث عن طريق للذهب والقمح والموانئ…
الجميع يعرف قيمة المفتاح، والمفتاح في يد الشعب، لا في يد الساسة.

نرفض فوقية الداخل والخارج…
من مليشيا وقحاتة و الإمارات و بعض الدول الطامعة
ومن دول تتدخل ثم ترفع يديها كأنها كانت تصلّي من أجلنا.
كلهم يريدون شكلًا للسلام… يناسبهم هم.
لكن الشعب هو خط اليد الأخير فوق الورق.

السلام الحقيقي؟
لا يجيء بقرارٍ مستورد، ولا بمكرمةٍ سياسية.
يأتي من وعيّ شعبٍ يعرف أنه ليس وقودًا لحروب الآخرين، ولا غنيمةً تُوزّع، ولا دولةً تنتظر تعريفًا.
سلامٌ يصنعه السوداني حين يفهم قدره، ويستعيد كلمته، ويرفض أن يُدار كملف في أروقة المخابرات.

نعم… نُرحّب بكل جهد صادق يحقن الدم.
لكن نذكّرهم:
السودان أمة عظيمة تمر بكبوة، لا دولة ضائعة تبحث عمّن يدلّها على الطريق.
وأن احترام إرادة هذا الشعب ليس خيارًا… بل شرطٌ للسلام.

نحن لا نستجدي التاريخ…
نحن الذين نكتبه.
وسننهض، كما نهضنا ألف مرة، من رمادٍ يعرف جيدًا شكل أقدامنا.

وعاش السودان… حرًّا، عزيزًا، مرفوع الرأس بين الأمم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى