على حافة الوطن (١٠) / البنات والخيانة في زمن العُري و العهر السياسي بقلم حياه حمد اليونسابي

على حافة الوطن (١٠) / البنات والخيانة في زمن العُري و العهر السياسي
بورتسودان/ Savior media 24
حياة حمد اليونسابي
في جغرافيا تتآكلها الخيبات، وتاريخٍ يضج بالشهداء، يقف الوطن متكئًا على عكاز الصبر، يتفرّس في وجوه من كانوا له زينة، فإذا بهم قناطر لعبور الخيانة.
تسابيح خاطر…
نشأت في بيتٍ تُسنده قيم، ورجلٌ يُشار إليه بالبنان؛ إعلاميٌ وطنيٌ نزيه، ما باع مهنته، ولا خذل وطنه، ولا فرّط في تماسك عائلته. رجل أحب السودان كأنما خُلق منه، وسار في دروب الإعلام حافيًا من الزيف، عاريًا من الأجندات، إلا من ضميره.
لكن تسابيح، ابنة هذا الوجدان، اختارت غير الطريق.
لم تكتفِ بتلميع الخارج، بل ركلت تراب الوطن، واعتلت منابر الغريب، لتوزع شهادات الإدانة على وطنها، وتمنح الشرعية لمن أدموا خاصرته.
من أجل سلطة زائلة وثروة عابرة، داست على تاريخه، على ذكريات طفولتها فيه، على ملامح أبيها وهي تتقلب بين الأخبار والحقيقة.
نانسي عجاج…
غنّت للوطن بصوتٍ حنون، لكنه كان، كما تبيّن، صوتًا خادعًا.
في قضية شائكة، طُرحت أسئلة لم تجد إجابة:
كيف لابنة أن تُتهم – وإن في الهامش – بجريمة قتل أبيها؟
الموسيقار بدر الدين عجاج، قُتل بطريقة وحشية، وتورطت فيها خيوط غامضة، بعضها يلمح لاشتباك عائلي مريب.
ثم ظهرت نانسي، لا في ساحات القضاء، بل في استوديوهات الاغتراب.
وفي لقاءٍ تلفزيوني إماراتي، لم تتوانَ عن إطلاق سهامها في صدر والدها الميت.
اتهمته صراحة بالمثلية الجنسية، ووصمته بما لا يُقال عن الأعداء، فكيف عن الأب؟
خانته حيًّا وميتًا… وكأن صوتها الذي كنّا نظنه دفء الوطن، ما كان إلا بوقًا يُعلن نهاية الحياء.
فمن خان من؟
هل نلوم الآباء لأنهم زرعوا الأمل في أرض خائنة؟
أم نلوم البنات لأنهنّ خلعن جلباب الوطن في أول منعطف من دراهم وسلطة؟
على حافة الوطن، يقف الأبوان، مبارك خاطر وبدر الدين عجاج ،كلٌ في جهةٍ الوجع .
واحدٌ حيّ يذرف دمعه على نكران، وآخرٌ ميت تُهدر سمعته في بازار العقوق.
وفي المشهد، لا ترتفع سوى أصواتنا نحن – البسطاء – نهمس:
أيُعقل أن يُولد العقوق في رحم الوطن؟
أيُعقل أن نُربّي خيانتنا بأيدينا؟