إشراقات
انتصار جعفر
العيد بطعم الحلو مر وتَرُقُب الفرحة الكبرى
بأي حال عدت يا عيد… والمشهد الزاهي والفخم. والاحتفالية الأنيقة بك قد انسحبت من تحت أقدامنا. وفي الحلق غصة وفي العين دمعة وفي القلب شوق عارم… لذلك العيد، حيث في الصباح الباكر، تصدح كل المساجد “الله أكبر… ولله أكبر… ولَا إله إلَّا اللَّه… ولله أكبر… والحمدُ لله….” وكل الخطىء تتسابق رجالا ونساءً وشيبا وشبابا وأطفالً صوب المسجد بقلب مليء بالإيمان والتوحيد وعشق النبي المختار سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم. وعند الفراغ من الصلاة، تبدأ المعايدات والتبريكات والتهاني الحلوة، واللسان يلهج ويردد “كل عام وأنتم بخير” و”العفو والعافية وتقبل الله الصيام والقيام”. وللشباب بصفة خاصة، أمنية تحفها عشق كبير “السنة الجاية فارز عيشتك… وإن شاء الله في بيتك” في إشارة إلى الزواج والعديل وتكوين الأسرة… امتدادًا لأسرة الكبيرة… والشارع مليء بالأطفال والألعاب. والبيوت فاتحة، والناس زرافات واحاد… في مشهد مهيب يفصح عن مكنون المحبة والأخوة والمحنة.
وفي المساء، الزيارات الأسرية، التي عادة تبدأ بالبيت الكبير، ثم معايدة الأصدقاء والأحباب… فضلا عن تقديم الحلويات والخبيزات والعصائر في كرم حاتمي… فهي لحمة اجتماعية سودانية خالصة لا تُكرر في مجتمعات العالم.
والشاهد الآن، يعتصر الحزن والأسى القلوب بفقد الشهداء الذين رووا دماءهم الطاهرة في أرض الوطن من أجل نيل العزة والكرامة بعدما دنستها مليشيات الدعم السريع والمرتزقة، والعملاء، والخونة… والبيوت التي سُرقت ونُهبت ودُمرت… وسُرقت معها استقرارًا وسعادة وأحلام الناس وأمانهم وسعادتهم… وقلبتها إلى جحيم ونزوح ولجؤ وشتات… بل أوقفت الحياة في المدن والقرى التي استباحتها الجنجويد ويُد… الأوباش بجرائم تند لها الجَبِين… ببشاعة جريمة قرية فوز أبوروف شمال شرقي سنار بقتل عشرة من خيرة الشباب في صباح العيد ويمنع المواطنون من أداء فريضة صلاة العيد…
فغيّرت ملامح البيوت والمساجد والمستشفيات… والجامعات… غَيَّرت كل شيء سمحًا وأصيلا… إلى دمار شامل رغم أنهم يدِّعون التحول الديمقراطي وقفهم إلى جانب الشعب… فهم فقط يجيدون فن الكذب والنفاق والافتراء… ولكن هيهات، فقد انكشف المستور وأصبحت الرؤية واضحة… الكل يُدعو عليهم بالهلاك والدمار الشامل… إنها النهاية الحتمية لهم حيث اقتربت ساعة الصفر وبشريًا للنصر المُؤزر استضاعت في الجزيرة الخضراء ومصفي الجيلي والخرطوم…
إشراقة أخرى…
الكل يترقب “عيدية” تُفرح كل الشعب بعد الوجع والمعاناة من قواتنا المسلحة وقوات الشرطة وجهاز الأمن والمخابرات “هيئة العمليات”… وكتائب البراء… والمُستنفرين… ويصبح العيد “عيدين”، الذين نزجي لهم التهاني والتبريكات، بالعيد المجيد وكل عيد وهم أكثر قوة ومنعة وجسارة فقدوا ضحوا بكل غالي ونفيس لديهم من أجل سلامة المواطن والوطن وممتلكات الوطن…
فالشعب بادلهم الحب والتقدير، وكل الحناجر تهتف “جيشًا واحدا وشعبًا واحدًا” في تلاحم وطني وعشق كبير لترابه…
وكل عام وسوداننا الحبيب بخير… وأكثر استقرارًا ونماء… ونصر من الله وفتح قريب…