
البنك الدولي عودته للسودان هل تحقق طموحات الشعب السوداني
وصلت إلى السودان بدايه الشهر الخالي أول بعثة رفيعة المستوى من البنك الدولي منذ تعليق العلاقات في 2021 عقب إعلان فض الشراكة بين قوي الحريه والتغير والمكون العسكري الذي تشكلت شراكة ببهما عقب سقوط نظام الإنقاذ في عام 2019 م حيث أعلن البنك الدولي أنه سيستأنف تمويل مشروعاته في السودان” بمحفظة تمويل تبلغ تقريباً أكثر من 500 مليون دولار متاحة للمشروعات التي تحددها الحكومة السودانية.
*لماذ عاد البنك للسودان بعد ثلاثه أعوام من الحرب والدمار*
عاد البنك الدولي رسمياً إلى السودان بعد أربعة أعوام من تعليق كامل برامجه وثلاثه أعوام الا قليلا منذ اندلاع الحرب في السودان بين التمرد والقوات المسلحة السودانية وهو امر يثير التساؤلات في وسط الشارع.
*اراء بعض الناس في السودان*
وصفت الخطوة من قبل بعض المواطنين الذين التقيت بهم بأن هذه الخطوة تعتبر من أكثر التحركات الدولية تأثيراً على المسار الاقتصادي والإنساني للبلاد منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، واعتبرت، من قبل كثير من المحللين، بداية عملية لإعادة تفعيل المحفظة التمويلية بالمبلغ المذكور، مع حديث في بعض المصادر عن مبالغ أوسع قد تصل إلى 700 مليون دولار في مراحل لاحقة.
*معاناة الاقتصاد السوداني من الحرب*
يأتي التحرك من البنك الدولي في وقت يعاني فيه الاقتصاد السوداني من واحدة من أسوأ الأزمات في تاريخه الحديث، والبنك الدولي نفسه قدّر في 2025 أن اقتصاد السودان انكمش بنسبة كبيرة، وأن الفقر قد يطال نحو 71٪ من السكان إذا استمر النزاع المسلح الذي عطل حركة الإنتاج الزراعي وكل مشروعات دعم الاقتصاد وان الحرب أدت إلى توقف آلاف المؤسسات، ونزوح ملايين السكان، وانهيار العملة، وتصدّع شبكات الخدمات، ما جعل عودة مؤسسات التمويل الدولية أمراً حتمياً بالنسبة للسلطات السودانية.
*مستوى العلاقات بين الصندوق والسودان*
خلال فترة ستينيات القرن الماضي بدأت العلاقات بين الصندوق والسودان حيث موّل مشروعات كبيرة في الزراعة والبنية التحتية باعتبارها الركائز الأساسية للاقتصاد السوداني. ومع نهاية الثمانينيات، دخل السودان في أزمة ديون خانقة أدت إلى تراكم المتأخرات، فتوقّف البنك الدولي عن تقديم القروض واكتفى بالدعم الفني والاستشارات طوال التسعينيات وبداية الألفية.
عاد التواصل تدريجياً في الفترة بين 2000 و2010 عبر منح محدودة وصناديق دعم مرتبطة ببرامج السلام وإعادة الإعمار، دون تمويل مباشر للحكومة بسبب استمرار المتأخرات.
*بعد سقوط حكومة الإنقاذ ماهو شكل العلاقه*
في عام 2019م بعد سقوط حكم ثوره الإنقاذ التي حكمت السودان لمدة ثلاثون عاما شهدت العلاقة بعض التطور، حيث حصل السودان على تمويل لبعض برامج ما سُمي بالإصلاح الاقتصادي، وبعض المشروعات الخدمية مثل برنامج “ثمرات” الذي كان محدود الأثر بشكل مخيب للآمال.. استمر الوضع هكذا إلى أن أوقف البنك التمويل بالكامل، عقب إجراءات أكتوبر 2021.
*مطلوبات التمويل الان*
بحسب ما أعلنته وزارة المالية ومصادر في البنك الدولي، فإن الحزمة التمويلية الجديدة ستُوجَّه نحو قطاعات تضررت بصورة مباشرة من الحرب، وتشمل، إعادة الإعمار وتأهيل الطرق والجسور في المدن بالذات في وسط السودان (الخرطوم، كردفان، دارفور، والجزيرة)، دعم قطاع الصحة وإعادة تشغيل المستشفيات والمراكز الصحية الأساسية، إعادة تأهيل شبكات المياه والكهرباء، مع إدراج مشاريع للطاقة البديلة.ودعم التعليم وتوفير برامج لعودة المدارس للعمل، تمويل قطاع الزراعة والإنتاج الزراعي لتقليل الاعتماد على الواردات وتحسين الأمن الغذائي، برامج الخدمات الأساسية للمناطق الأكثر تضرراً.
وستتولى الحكومة السودانية تحديد أولويات المشروعات، مع وجود “آليات رقابة مشتركة” لضمان شفافية التنفيذ
وإذا ما تم تنفيذ المشروعات المعلنة ستشهد أسواق العمل حراكا ملحوظاً وتتحسن توفير السلع الأساسية ودعم عودة النازحين والمشردين إلى مناطقهم، بجانب إعادة بناء البنية التحتية الأساسية.
*نظره الداخل السوداني لهذا الأمر*
تعلّق قطاعات واسعة من السودانيين آمالاً كبيرة على عودة البنك الدولي، خصوصاً أن التمويل يستهدف قطاعات حيوية توقفت خلال الحرب.. فالآلاف ينتظرون إعادة تشغيل المستشفيات والمراكز الصحية، بينما تعاني مناطق واسعة من انعدام الكهرباء والمياه، إضافة إلى انهيار القطاع الزراعي الذي يُعد الركيزة الأساسية للأمن الغذائي في البلاد.
ولكن من جهة أخرى، ورغم الترحيب الواسع من الحكومة، أثارت عودة البنك الدولي نقاشاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والسياسية. فقد حذّر عدد من الخبراء من أن خطوة البنك، بالنظر إلى التوقيت الحساس الذي جاءت فيه، قد تكون مرتبطة بـ”صفقة سياسية إقليمية” تهدف إلى الضغط على الحكومة من أجل فرض رؤية ما يسمى بـ”دول الرباعية”، بجانب رعاية مصالح بعض القوى الإقليمية والدولية المنخرطة في الملف السوداني، كجزء من ترتيبات إعادة تشكيل النفوذ الإقليمي في السودان.
كما أبدى خبراء آخرون مخاوف من قدرة مؤسسات الدولة الحالية على إدارة التمويل بكفاءة، في ظل بيئة مضطربة، ونظام مالي هش، واتهامات سابقة بسوء استخدام المنح الدولية.
التجربة سابقة غير مشجعة:
تدعم تلك المخاوف السابقة، الانتقادات الموجهة للتجربة السابقة للبنك الدولي مع السودان خصوصاً في عهد نظام الإنقاذ، وينظر الكثيرون إلى البنك الدولي، على أنه أحد أسباب الانهيار العملة السودانية!.. حيث قدم وصفات اقتصادية للسودان اعتمدت بشكل أساسي على خفض قيمة الجنيه السوداني، ورفع الدعم عن السلع.
واجهت تلك الوصفات الاقتصادية انتقادات واسعة، إذ اعتبرها خبراء اقتصاديون مفرطة في تحرير الأسعار ورفع الدعم عن السلع.
يعتبر هذا الدخول عبر البنك الدولي مرحلة جديدة ربما اذا تم الاستفاده منها بصوره سليمة من قبل الحكومة السودانية ستسهم في دعم الاقتصاد تحقيق الإنعاش في مختلف قطاعات الإنتاج.



